التحاليل المطلوبة قبل العمليات الجراحية ولماذا هي ضرورية؟

مقدمة

تُعد العمليات الجراحية – سواء كانت بسيطة أو معقدة أو خطيرة  – نقطة تحول كبيرة في رحلة المريض العلاجية، تتطلب تحضيرًا دقيقًا لضمان نجاحها وتقليل مخاطرها و المضاعفات التي من الممكن ان تحدث. ومن أهم خطوات التحضير إجراء مجموعة من التحاليل الطبية، التي توفر صورة شاملة عن الوضع الصحي للمريض وتساعد الفريق الطبي على اتخاذ قرارات مدروسة وآمنة. هذا المقال يتناول بالتفصيل التحاليل المطلوبة قبل العمليات الجراحية، ويوضح لماذا هي ضرورية، وكيف تساهم في تقليل المضاعفات، وتحسين نتائج العملية.

لماذا تُطلب التحاليل قبل العملية الجراحية؟

التحاليل قبل الجراحة ليست مجرد إجراء روتيني أو ورقي، بل خطوة أساسية تكشف عن:
• كفاءة أعضاء الجسم الحيوية (الكلى، الكبد، القلب، الرئتين).
• مستوى الدم ومكوناته، لتجنب النزيف أو فقر الدم أثناء وبعد العملية.
• وجود أمراض خفية مثل العدوى، السكري، اضطرابات التخثر.
• تفاعل الجسم مع الأدوية المخدرة أو التخدير العام.
• قابلية الشفاء والتعافي بعد العملية.

بمعنى آخر، هذه التحاليل تساعد في تخصيص خطة الجراحة والتخدير وفقًا لكل حالة، وتحسين الأمان الطبي للمريض.

التحاليل العامة المطلوبة قبل معظم العمليات الجراحية

تختلف التحاليل حسب نوع العملية وحالة المريض، لكن هناك مجموعة من التحاليل تعتبر أساسية في معظم الحالات، وتشمل ما يلي:

1. تحليل صورة الدم الكاملة (CBC)
• ما هو؟ يقيس عدد خلايا الدم الحمراء، خلايا الدم البيضاء، والصفائح الدموية.
• لماذا يُطلب؟ للكشف عن:
• الأنيميا او ما يسمى فقر الدم التي قد تؤثر على التروية الدموية.
• العدوى المحتملة من خلال ارتفاع مستوى كريات الدم البيضاء.
• مشكلة في تجلط الدم من خلال عدد الصفائح.

2. تحليل وظائف الكلى (UREA – CREATININE)
• ما هو؟ يقيس مستويات اليوريا والكرياتينين في الدم.
• لماذا يُطلب؟
 للتأكد من أن الكلى تعمل بكفاءة، لأن أي خلل في وظائف الكلى قد يؤثر على استقلاب الأدوية والتخدير كما أن هناك أدوية تؤثر على صحة الكلى.

3. اختبارات وظائف الكبد (ALT – AST – ALP – BILIRUBIN)
• ما هو؟ تحليل يُظهر مدى صحة الكبد.
• لماذا يُطلب؟
 الكبد يلعب دورًا حاسمًا في التخلص من الأدوية والمواد الكيميائية، وأي خلل قد يزيد خطر المضاعفات.

4. تحليل السكر  العشوائي (Glucose Fasting or Random)
• ما هو؟ قياس لمستوى الجلوكوز في الدم.
• لماذا يُطلب؟
لأن مرضى السكري أكثر عرضة للعدوى وضعف و تأخر التئام الجروح، ويجب تعديل جرعات الأدوية والتخدير تبعًا لذلك.

5. اختبارات التخثر  (PT – aPTT – INR)
• ما هي؟ تحاليل تُقيم قدرة الدم على التجلط.
• لماذا تُطلب؟
 لتجنب النزيف الزائد أثناء العملية، خاصة إذا كان المريض يتناول مميعات دم او ما يسمى بأدوية السيولة.

6. تحليل فصيلة الدم وتوافقها (ABO – Rh – Crossmatch)
• ما هو؟ تحديد فصيلة دم المريض وتجهيزه لاحتمالية نقل دم.
• لماذا يُطلب؟
بعض العمليات تنطوي على فقد دم كبير، ويجب أن تكون وحدات الدم المتوافقة متاحة.

تحاليل إضافية حسب الحالة الصحية للمريض

1. تحليل البول (Urinalysis)
• للكشف عن التهابات المسالك البولية أو البروتينات الزائدة أو مشاكل الكلى.

2. تخطيط القلب (ECG)
• ضروري للأشخاص فوق سن 40 أو من لديهم تاريخ مرضي بالقلب لتقييم استقرار نظم القلب أو من لديهم عامل وراثي .

3. أشعة الصدر (X-ray Chest)
• للكشف عن أمراض الرئة مثل الربو، الالتهاب،  أو تضخم عضلة القلب.

4. تحليل الحمل (β-hCG)
• للنساء في سن الإنجاب، لتجنب تعريض الجنين للأدوية أو التخدير دون علم بوجود حمل.

5. تحاليل فيروسية (HCV – HBV – HIV)
• ضرورية لتقييم وجود أمراض مزمنة قد تؤثر على المناعة أو تحمل الجراحة أيضاً تفادياً لنقل العدوى للطاقم الطبي.

6. تحليل الألبومين والبروتين الكلي
• لمتابعة التغذية العامة، حيث أن سوء التغذية قد يؤثر على التعافي والتئام الجروح.

أهمية التحاليل في تحديد نوع التخدير

نوع التخدير (موضعي، نصفي، أو كلي) لا يُحدد عشوائيًا، بل يتم اختياره بناءً على نتائج التحاليل، مثل:
• ارتفاع وظائف الكبد أو الكلى: قد تتطلب تعديل في نوع وجرعة التخدير.
• فقر الدم الشديد: قد يتجنب الطبيب التخدير الكلي.
• اضطراب في تخثر الدم: يمنع استخدام التخدير النصفي (الحقن في العمود الفقري).

ماذا يحدث إذا أظهرت التحاليل مشكلة؟

عندما تكشف التحاليل عن مشاكل، فإن الفريق الطبي قد:
1. يؤجل العملية إلى حين علاج الخلل (مثل معالجة فقر الدم أو العدوى).
2. يعدل بروتوكول التخدير أو الجراحة.
3. يُجهز وحدات دم أو أدوية خاصة.
4. يتابع المريض لفترة أطول بعد العملية.

تحاليل خاصة حسب نوع الجراحة

بعض العمليات تتطلب تحاليل إضافية حسب نوعها، مثل:

جراحات القلب:
• تحليل D-dimer لتقييم خطر الجلطات.
• تصوير الإيكو القلبي.

جراحات الكبد أو المرارة:
• اختبارات شاملة لوظائف الكبد والصفراء.
• تحليل نسبة الأمونيا في الدم.

الجراحات النسائية:
• تحليل هرمونات تناسلية.
• تحاليل للعدوى المهبلية.

الجراحات التجميلية:
• تحليل الزلال (Albumin).
• اختبار لمرونة الجلد ومستوى الكولاجين.

أهمية التحاليل في تقليل المضاعفات

عبر كشف المشكلات المخفية، تساهم التحاليل قبل الجراحة في:
• تقليل النزيف عبر ضبط عوامل التخثر.
• منع فشل الأعضاء الحيوية عبر مراقبة وظائف الكلى والكبد.
• تجنب الحساسية تجاه أدوية التخدير.
• تحسين فرص الشفاء السريع وتجنب العدوى.

هل تختلف التحاليل باختلاف العمر والجنس؟

نعم، فالعوامل التالية تُؤخذ في الاعتبار:
• العمر: مع التقدم في السن، تزيد احتمالات أمراض القلب، الكلى، السكري.
• الجنس: النساء في سن الإنجاب يُطلب منهن اختبار حمل، وأحيانًا تحاليل هرمونية.
• التاريخ الطبي: وجود أمراض مزمنة يتطلب تحاليل موسعة.

هل تُطلب كل هذه التحاليل في العمليات البسيطة؟

ليس دائمًا. الجراحات البسيطة مثل خلع ضرس أو استئصال خراج جلدي قد تتطلب فقط:
• تحليل دم أساسي.
• وظائف تخثر بسيطة.
• اختبار الحمل عند الحاجة.

لكن في حال وجود أمراض مزمنة، أو إذا كان المريض كبيرًا في السن، فقد يُطلب فحص شامل حتى في الجراحات البسيطة.

كيف تُساعد التحاليل في دعم القرار الطبي؟

التحاليل قبل الجراحة تُعد بمثابة خريطة طريق للطبيب، وتساعد في:
• اختيار التوقيت المناسب للعملية.
• تحديد الأدوية الآمنة قبل وأثناء وبعد العملية.
• تقييم الحاجة إلى عناية مركزة بعد الجراحة.
• توجيه النصائح الغذائية أو السلوكية للمريض قبل الجراحة.

هل يجب إعادة التحاليل إذا تأخرت العملية؟

نعم، بعض التحاليل لها صلاحية زمنية قصيرة. فمثلًا:
• تحليل CBC و PT/INR يجب أن يُعاد إذا مرّ أكثر من أسبوعين.
• تحليل الحمل يجب أن يُعاد إن تأخرت الجراحة أكثر من أسبوع.
• تحليل فيروس الكبد قد يكون صالحًا لأشهر، لكن يُعاد إذا ظهرت أعراض جديدة.

الختام

التحاليل قبل العمليات الجراحية ليست إجراءً روتينيًا فحسب، بل عنصر حيوي في التخطيط والسلامة الجراحية. فهي تكشف عن خفايا قد تُغير مجرى الخطة العلاجية بأكملها، وتوفر للطبيب بيانات دقيقة لتخصيص الرعاية الطبية. لذلك، من المهم ألا يستخف المريض بأهمية هذه التحاليل، وأن يلتزم بإجرائها في الوقت المناسب وبشكل دقيق.
ففي عالم الجراحة، الاستعداد الجيد هو نصف النجاح، والتحاليل هي ركيزة هذا الاستعداد.