العقم

يعد العقم من القضايا الصحية التي تؤثر على الكثير من الأفراد حول العالم. العقم لا يقتصر على جانب واحد من الحياة الزوجية، بل يمتد ليؤثر على الجانب النفسي والاجتماعي أيضًا. في هذه المقالة، سنتناول بالتفصيل تعريف العقم، أسبابه المختلفة، الأعراض المرتبطة به، التحاليل التي تساعد في تشخيصه، بالإضافة إلى العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالعقم. سنختم المقالة بتسليط الضوء على بعض النقاط المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار عند التعامل مع هذه المشكلة.

1. تعريف العقم:

العقم هو الحالة التي يعجز فيها الزوجان عن الإنجاب رغم محاولاتهما المستمرة لمدة عام كامل أو أكثر، ويحدث ذلك دون وجود وسائل منع حمل. يمكن أن يكون العقم ناتجًا عن مشاكل صحية في أحد الزوجين أو كليهما، ويمكن أن يكون العقم مؤقتًا أو دائمًا. يتم تصنيف العقم إلى نوعين: العقم الأولي، الذي يحدث عندما لا يحدث حمل لأول مرة، والعقم الثانوي، الذي يحدث عندما يفشل الزوجان في الحمل بعد حمل سابق.

2. أسباب العقم:

تتنوع أسباب العقم بين الزوجين بشكل كبير، وتتراوح من مشاكل طبية إلى عوامل بيئية ونمط حياة غير صحي. نذكر أهم الأسباب كما يلي:

أ. أسباب العقم عند النساء:
• مشاكل التبويض: تعاني بعض النساء من اضطرابات في عملية التبويض، مثل متلازمة المبيض متعدد الكيسات أو خلل في إفراز الهرمونات المسؤولة عن التبويض.
• انسداد قناتي فالوب: قد يؤدي انسداد قناتي فالوب إلى منع مرور البويضة المخصبة إلى الرحم، وبالتالي العقم. يمكن أن يحدث هذا بسبب التهابات الحوض أو الأمراض المنقولة جنسيًا.
• بطانة الرحم المهاجرة: هي حالة طبية تنمو فيها أنسجة مشابهة للبطانة الرحمية في أماكن غير الرحم، مما قد يتسبب في اضطرابات في الدورة الشهرية ويؤثر على الحمل.
• مشاكل الرحم: مثل الأورام الليفية أو تشوهات هيكلية قد تؤثر على القدرة على الحمل أو استمراره.
• اختلالات الهرمونات: يمكن أن تؤدي مشكلات هرمونية مثل قصور الغدة الدرقية أو اضطرابات الغدة النخامية إلى العقم.

ب. أسباب العقم عند الرجال:
• قصر عدد الحيوانات المنوية أو ضعف جودتها: يمكن أن يكون انخفاض عدد الحيوانات المنوية أو ضعف حركتها سببًا رئيسيًا في العقم.
• الدوالي الخصية: وهي تضخم الأوردة في كيس الصفن، مما قد يؤدي إلى زيادة درجة الحرارة في الخصيتين وبالتالي تقليل إنتاج الحيوانات المنوية.
• التشوهات الهيكلية في الجهاز التناسلي: مثل انسداد القنوات المنوية أو غيابها، مما يمنع الحيوانات المنوية من الوصول إلى السائل المنوي.
• مشاكل هرمونية: مثل انخفاض مستوى هرمون التستوستيرون أو اختلال الهرمونات الأخرى المسؤولة عن إنتاج الحيوانات المنوية.

3. أعراض العقم:

العقم في حد ذاته لا يُظهر دائمًا أعراضًا واضحة، ولكن قد تظهر بعض الأعراض المتعلقة بمشاكل صحية قد تؤدي إلى العقم. إليك أبرز الأعراض التي قد تشير إلى وجود مشكلة:
• عدم حدوث حمل بعد عام من المحاولات المنتظمة.
• دورة شهرية غير منتظمة أو غائبة لدى النساء.
• ألم حاد في الحوض، البطن، أو منطقة الحوض السفلي.
• ألم أثناء الجماع أو بعده.
• انخفاض في الرغبة الجنسية أو مشاكل في الانتصاب عند الرجال.
• تغيرات في وظائف الحيوانات المنوية مثل قلة عددها أو ضعف حركتها.

4. التحاليل المهمة لتشخيص العقم:

عند الاشتباه في وجود مشكلة في الخصوبة، يقوم الأطباء بإجراء مجموعة من الفحوصات والاختبارات لتحديد السبب. من بين التحاليل التي قد يوصي بها الطبيب:

أ. تحاليل للنساء:
• اختبار التبويض (قياس مستوى الهرمونات): يساعد هذا الاختبار في تحديد ما إذا كانت المرأة تتمتع بعملية التبويض بشكل طبيعي.
• السونار المهبلي (الموجات فوق الصوتية): يستخدم السونار لفحص المبايض والرحم واكتشاف أي اضطرابات أو مشاكل مثل تكيس المبايض أو وجود أورام ليفية.
• اختبار الاحتياطي المبيضي: يقيس كمية وجود البويضات في المبايض لتحديد قدرة المرأة على الحمل.
• فحص قناتي فالوب: يتم هذا الاختبار باستخدام الأشعة السينية أو السونار لاكتشاف ما إذا كان هناك انسداد في قناتي فالوب.

ب. تحاليل للرجال:
• تحليل السائل المنوي: يجرى هذا الاختبار لفحص عدد الحيوانات المنوية، حركتها، وشكلها لتحديد إذا كانت هناك مشاكل في الإنتاج أو الجودة.
• فحص مستوى الهرمونات: يتم فحص هرمونات مثل التستوستيرون وFSH وLH لتحديد ما إذا كان هناك خلل هرموني يؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.
• فحص الأشعة: قد يتم استخدام الأشعة لفحص وجود مشاكل في الجهاز التناسلي الذكري مثل انسداد القنوات المنوية.

5. عوامل الخطر للإصابة بالعقم:

توجد عدة عوامل تزيد من خطر الإصابة بالعقم لدى الرجال والنساء، ومن أبرز هذه العوامل:
• العمر: يتراجع احتمال الحمل بشكل طبيعي مع تقدم العمر، حيث تقل جودة البويضات لدى النساء بعد سن الثلاثين.
• التدخين: يعتبر التدخين من أكبر العوامل التي تؤثر سلبًا على الخصوبة، حيث يقلل من جودة البويضات والحيوانات المنوية.
• التعرض للمواد السامة: مثل المواد الكيميائية أو السموم التي قد تؤثر على جودة البويضات أو الحيوانات المنوية.
• السمنة أو نقص الوزن: يمكن أن تؤدي مشاكل الوزن إلى اضطرابات هرمونية تؤثر على الخصوبة.
• التاريخ العائلي: قد يكون العقم نتيجة لمشاكل وراثية، فإذا كان أحد الوالدين يعاني من مشاكل خصوبة، فقد يزداد احتمال انتقال المشكلة إلى الأبناء.
• التوتر النفسي: يمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى تأثيرات سلبية على الهرمونات ووظائف الجهاز التناسلي.

هل يمكن الشفاء من العقم؟

 
تعتمد إمكانية الشفاء من العقم على السبب الكامن وراءه. في بعض الحالات، يمكن علاج العقم أو تحسين فرص الحمل باستخدام الأدوية أو الإجراءات الطبية مثل التخصيب الصناعي (IVF)، أو جراحة تصحيح المشاكل الإنجابية. إليك بعض الأسباب الشائعة للعقم وطرق علاجها:
1.مشاكل التبويض: يمكن علاجها بالأدوية المنشطة مثل الكلوميفين أو الحقن الهرمونية.
2.مشاكل في قناة فالوب: قد تتطلب جراحة أو إجراءات مثل التخصيب الصناعي (IVF).
3.العقم الذكري: يمكن تحسينه في بعض الحالات باستخدام الأدوية أو تقنيات مثل الحقن المجهري.
4.مشاكل في الرحم أو عنق الرحم: قد تتطلب إجراءات جراحية أو علاجات هرمونية.
 
مع ذلك، في بعض الحالات قد يكون العقم دائمًا ولا يمكن علاجه بشكل كامل. من المهم استشارة طبيب مختص لتحديد السبب والعلاج المناسب.
 

نصائح عامة:

العقم يمكن أن يكون تجربة صعبة للعديد من الأشخاص، لكن هناك بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في التعامل معه:
1.استشارة الطبيب: من الضروري زيارة مختص في أمراض النساء والتناسل أو طبيب متخصص في العقم. قد تتطلب بعض الحالات فحوصات أو علاجات خاصة.
2.الفحص المبكر: من الأفضل إجراء الفحوصات المبكرة للطرفين (الرجل والمرأة) لمعرفة الأسباب المحتملة للعقم وتحديد العلاج المناسب.
3.التغذية السليمة: الحفاظ على نظام غذائي متوازن وغني بالفيتامينات والمعادن يمكن أن يحسن الصحة العامة ويزيد من فرص الحمل.
4.إدارة التوتر: التوتر النفسي يمكن أن يؤثر سلباً على الخصوبة. حاول تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا أو التأمل.
5.النشاط البدني المعتدل: ممارسة الرياضة بانتظام يمكن أن تحسن الصحة العامة، ولكن يجب تجنب الإفراط في التمرين لأنه قد يؤثر سلباً على الخصوبة.
6.الإقلاع عن التدخين والكحول: التدخين والكحول يمكن أن يقللان من الخصوبة ويؤثران على فرص الحمل، لذا يفضل التوقف عنهما.
7.استكشاف العلاجات الطبية: يمكن أن تشمل العلاجات أدوية لتحفيز التبويض، أو عمليات مثل التلقيح الصناعي (IVF) أو حتى جراحة في بعض الحالات.
8.الدعم النفسي: العقم يمكن أن يؤدي إلى مشاعر من الحزن والإحباط. من المهم التحدث مع مستشار أو الانضمام إلى مجموعة دعم لمشاركة التجارب والمشاعر.
9.الصبر: في بعض الأحيان، قد يتطلب الأمر وقتاً طويلاً حتى يتم الوصول إلى الحلول المناسبة. الحفاظ على الأمل والتعاون مع الطبيب يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية.
10.التفكير في الخيارات الأخرى: إذا لم تنجح العلاجات الطبية، قد تكون هناك خيارات مثل التبني أو استخدام الأم البديلة (الرحم المستأجر).
 

الختام:

العقم يعد من القضايا الصحية المهمة التي تستحق الاهتمام والمزيد من البحث. يتطلب التعامل مع هذه المشكلة التشخيص المبكر والعلاج المناسب، سواء من خلال الأدوية أو التدخلات الطبية مثل التخصيب الصناعي أو الجراحة. من المهم أن يتمتع الأزواج الذين يعانون من هذه المشكلة بالصبر والدعم النفسي، حيث إن العقم ليس نهاية الطريق. العديد من الطرق العلاجية الحديثة توفر فرصًا كبيرة لتحقيق حلم الإنجاب. كما أن تبني نمط حياة صحي وتجنب عوامل الخطر قد يساعد في الوقاية من العقم أو تحسين فرص الإنجاب.