مدى تأثير الأمراض المنقولة جنسياََ على الإنجاب

المقدمة

الأمراض المنقولة جنسيًا (STIs) ليست مجرد التهابات موضعية تنتهي بعلاج بسيط؛ بل هي أمراض قد تكون مقدمة لمشكلات صحية أكثر تعقيداََ، أبرزها التأثير على القدرة الإنجابية لكل من الرجال والنساء. فبينما ينشغل الكثيرون بالأعراض الظاهرة مثل الحكة أو الإفرازات، يغفلون عن الأثر العميق الذي تسببه هذه الأمراض داخل الجهاز التناسلي، من انسدادات في الأنابيب إلى تلف في الخصيتين والمبايض. هذا المقال يسلط الضوء على مدى تأثير الأمراض المنقولة جنسيًا على الإنجاب، ويعرض أبرز الأعراض، التحاليل اللازمة، المضاعفات الخطيرة، ويكشف الحقيقة من الشائعة في هذا المجال.

 تعريف الأمراض المنقولة جنسياََ

هي مجموعة من الأمراض التي تنتقل في أغلبها من خلال الاتصال الجنسي و ممارسة العلاقات المتعددة ، وتشمل أنواعًا بكتيرية (مثل السيلان والزهري)، وفيروسية (مثل فيروس نقص المناعة HIV والهربس)، وطفيليات (مثل داء المُشعَّرات). البعض منها يمكن علاجه والشفاء التام منه، بينما البعض الآخر لا شفاء له ولكنه يمكن السيطرة عليه بالعلاج و المتابعة.

  كيف تؤثر الأمراض المنقولة جنسياََ على الخصوبة؟

1. تأثيرها على النساء
• انسداد قناتي فالوب: نتيجة التهابات متكررة و مزمنة بسبب الكلاميديا أو السيلان، ما يمنع وصول البويضة إلى الرحم.
• المرض الالتهابي الحوضي (PID): وهو من أخطر مضاعفات بعض الأمراض المنقولة جنسياََ و يؤدي إلى تلف دائم في الرحم والمبايض.
• الحمل خارج الرحم: نتيجة تلف أو انسداد القناة، مما يجعل انغراس البويضة يتم خارج الرحم، وهي حالة خطيرة تهدد الحياة.
• الإجهاض المتكرر: بعض الفيروسات كالهربس والفيروس المضخم للخلايا (CMV) قد تزيد من خطر الإجهاضات المتكررة.

2. تأثيرها على الرجال
• التهاب البربخ: وهو القناة التي تنقل الحيوانات المنوية، وقد يؤدي إلى انسدادها أو تلفها.
• تلف الخصيتين: بعض الفيروسات كفيروس النكاف أو فيروس نقص المناعة قد تؤدي إلى التهاب الخصية وفقدان وظيفتها الأساسية.
• انخفاض جودة الحيوانات المنوية: من حيث العدد، الحركة، والتشوهات.

 أبرز الأمراض المنقولة جنسيًا التي تؤثر على الإنجاب

1. الكلاميديا
• غالبًا ما تكون صامتة دون أعراض ظاهرة.
• تسبب العقم لدى النساء بنسبة تصل إلى 40% إذا لم تعالج بالطريقة الصحيحة.
• يمكن أن تؤدي إلى التهاب البربخ والعقم عند الرجال.

2. السيلان
• شائع في الدول النامية.
• يسبب إفرازات وحرقة بول.
• من مضاعفاته الخطيرة: التهاب الحوض لدى النساء والتهاب الخصية عند الرجال.

3. الهربس التناسلي
• لا يسبب العقم مباشرة، لكنه يزيد خطر الإجهاض والولادة المبكرة.
• خطر كبير عند انتقاله من الأم إلى الجنين أثناء الولادة.

4. فيروس نقص المناعة (HIV)
• يضعف المناعة ويؤثر على الهرمونات والخصوبة.
• يتطلب عناية دقيقة في حالات الحمل والولادة لمنع انتقاله للجنين.

5. الزهري
• يؤثر على الجنين وقد يؤدي لتشوهات خلقية.
• يزيد من خطر الإجهاض والولادة المبكرة.

6. داء المشعرات
• يسبب التهابًا مهبليًا شديدًا.
• يؤدي إلى ضعف بيئة الرحم لاستقبال الحمل.

 أبرز الأعراض التي تشير إلى وجود مرض جنسي قد يؤثر على الخصوبة

• إفرازات مهبلية أو من القضيب غير معتادة.
• آلام في الحوض أو أسفل البطن.
• حكة أو طفح جلدي في المنطقة التناسلية.
• حرقة أو ألم عند التبول.
• نزيف مهبلي غير طبيعي.
• تورم أو ألم في الخصية.
• آلام عند الجماع.
• حمى خفيفة أو عامة.

ملاحظة: في كثير من الحالات، لا تظهر أعراض واضحة، خاصة عند النساء، ما يجعل الفحص الدوري أمرًا حيويًا.

 أهم التحاليل المطلوبة للكشف عن الأمراض المنقولة جنسيًا

1. تحليل البول: للكشف عن السيلان والكلاميديا.
2. زراعة عينة من الإفرازات: لتحديد البكتيريا أو الطفيليات المسببة.
3. تحاليل الدم:
• للكشف عن الزهري (VDRL, RPR).
• تحليل الأجسام المضادة للهربس (HSV-1 وHSV-2).
• تحليل فيروس نقص المناعة (HIV).
• تحليل التهاب الكبد B و C.
4. مسحة عنق الرحم: للكشف عن الفيروسات مثل HPV.
5. فحص الحيوانات المنوية: لتقييم عددها وحركتها وتشوهاتها في حالة تأخر الإنجاب عند الرجل.

 مضاعفات الأمراض المنقولة جنسيًا على الإنجاب

• العقم الدائم نتيجة الالتهابات المزمنة.
• الحمل خارج الرحم.
• الإجهاض المتكرر.
• الولادة المبكرة.
• انتقال العدوى للجنين.
• وفيات حديثي الولادة بسبب انتقال العدوى.
• تكوّن خراجات في الحوض أو الخصية.
• ضعف الانتصاب أو مشاكل جنسية ناتجة عن المضاعفات النفسية.

 حقائق مهمة عن الأمراض المنقولة جنسيًا والخصوبة

1. قد لا تظهر أي أعراض: الكثير من الإصابات تبقى صامتة، لذا الفحص الدوري مهم.
2. بعض الأمراض قابلة للعلاج بالكامل: مثل السيلان والكلاميديا إذا اكتُشفت مبكرًا.
3. التأثيرات ليست فورية: العقم قد يظهر بعد أشهر أو سنوات من الإصابة.
4. العدوى المتكررة تزيد من الخطر: كل إصابة جديدة تزيد من احتمالية حدوث مضاعفات دائمة.
5. يمكن الحمل بعد العلاج: إذا عولج المرض في مراحله المبكرة، فإن فرص الحمل تبقى قائمة.
6. اللقاحات توفر وقاية: مثل لقاح HPV والتهاب الكبد B.

  أبرز الشائعات الشائعة حول الأمراض المنقولة جنسيًا والإنجاب

الشائعة 1: “إذا لم تظهر أعراض، فأنا لست مصابًا.”

الحقيقة: كثير من الأمراض المنقولة جنسيًا لا تسبب أعراضًا واضحة، خاصة عند النساء.

الشائعة 2: “استخدام الواقي الذكري يحمي 100%.”

الحقيقة: الواقي يقلل من الخطر ولكنه لا يمنع كل أنواع العدوى، مثل الهربس أو HPV.

الشائعة 3: “العقم لا يحدث إلا بعد الإصابة لسنوات.”

الحقيقة: في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي العدوى إلى انسداد الأنابيب في غضون أسابيع إذا لم تُعالج.

الشائعة 4: “العقم بسبب الأمراض الجنسية لا يصيب الرجال.”

الحقيقة: العقم يصيب الرجال أيضًا نتيجة التهابات في الخصيتين أو انسداد البربخ.

الشائعة 5: “المرض المنقول جنسيًا لا يؤثر على الحمل إلا عند الإصابة في وقت الحمل.”

الحقيقة: بعض الأمراض تسبب أضرارًا طويلة المدى حتى لو تمت الإصابة قبل سنوات.

 الوقاية والعلاج

الوقاية:
• استخدام الواقي الذكري بانتظام.
• الامتناع عن العلاقات غير المحمية أو المتعددة.
• إجراء الفحوصات الدورية خاصة قبل الزواج أو عند الشك.
• تلقي اللقاحات المتاحة مثل لقاح HPV.
• التثقيف الجنسي الصحيح.

العلاج:
• بعض الأمراض تُعالج بالمضادات الحيوية مثل الكلاميديا والسيلان.
• الأمراض الفيروسية لا تُشفى غالبًا ولكن يمكن السيطرة عليها (مثل الهربس وHIV).
• العلاج المبكر يقلل من خطر المضاعفات بشكل كبير.

الختام

التأثير الخفي للأمراض المنقولة جنسيًا على الإنجاب يجعل من الوقاية والفحص الدوري ضرورة ملحة لا يمكن تجاهلها. فالصمت الذي تتسم به بعض هذه الأمراض لا يعني أنها غير ضارة، بل قد تكون سببًا في ألم طويل الأمد يتمثل في العقم أو فقدان الحمل أو المضاعفات التناسلية. الفهم الصحيح، والوعي، ونبذ الشائعات، هي أولى خطوات حماية الخصوبة والحياة الإنجابية السليمة. لذا، لا تتردد في طلب التحاليل الدورية والتحدث إلى الطبيب المختص عند أدنى ش