السيلان – Gonorrhea

مقدمة

يُعد مرض السيلان (Gonorrhea) أحد أكثر الأمراض المنقولة جنسياً شيوعًا وانتشارًا على مستوى العالم، وهو عدوى بكتيرية تسببها بكتيريا تُعرف باسم Neisseria gonorrhoeae. قد يُصاب به الرجال والنساء على حد سواء، وقد تنتقل إلى الأطفال الرضع وغالبًا ما ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي المباشر، سواء أكان مهبليًا، فمويًا أو شرجيًا. تكمن خطورته في أنه قد يكون “صامتًا” دون أعراض في كثير من الأحيان، أي لا يُظهر أعراضًا واضحة لدى نسبة كبيرة من المصابين، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص وزيادة خطر المضاعفات وانتقال العدوى للآخرين.

أسباب الإصابة بمرض السيلان

ينتج مرض السيلان عن انتقال بكتيريا النيسيريا البنية من شخص إلى آخر أثناء ممارسة الجنس غير المحمي. وتشمل أبرز طرق العدوى:
• الاتصال الجنسي المهبلي غير المحمي.
• الاتصال الجنسي الشرجي أو الفموي.
• مشاركة الأدوات الجنسية دون تعقيم.
• من الأم إلى الطفل أثناء الولادة (وقد يسبب العمى للطفل إذا أصاب العينين).

ولا تنتقل هذه البكتيريا من خلال المراحيض أو مشاركة أدوات الطعام، لأن البكتيريا لا تستطيع البقاء حية خارج جسم الإنسان لفترات طويلة.

الفئات الأكثر عرضة للإصابة

• الأشخاص الذين لديهم علاقات جنسية متعددة.
• من لا يستخدمون الواقي الذكري أثناء العلاقة الجنسية.
• الشباب والمراهقون (خاصة بين سن 15 إلى 24 عامًا).
• من أصيبوا سابقًا بأمراض منقولة جنسيًا.
• العاملون في مجال الدعارة أو الجنس التجاري.
• الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال.

أعراض السيلان

تختلف أعراض السيلان بين الرجال والنساء، وقد تكون غير واضحة تمامًا عند البعض، ما يجعل المرض صعب الاكتشاف في مراحله الأولى.

أولًا: أعراض السيلان عند الرجال

غالبًا ما تظهر الأعراض خلال أسبوع من الإصابة، وتتضمن:
1. إفرازات قيحية من القضيب (تشبه الصديد وقد تكون صفراء أو خضراء).
2. ألم أو حرقة أثناء التبول.
3. تورم أو ألم في الخصيتين (خاصة في إحدى الخصيتين).
4. احمرار أو تورم في فتحة القضيب.
5. ألم في الحلق إذا كان مصدر العدوى عبر الجنس الفموي.
6. ألم في المستقيم أو إفرازات شرجية في حال العدوى عبر الجنس الشرجي.

ثانيًا: أعراض السيلان عند النساء

غالبًا ما تكون الأعراض خفيفة أو غير ملحوظة، مما يزيد من خطر تطور المضاعفات:
1. زيادة الإفرازات المهبلية وقد تكون ذات رائحة غير معتادة.
2. حرقة أو ألم أثناء التبول.
3. ألم في أسفل البطن أو الحوض.
4. نزيف مهبلي غير منتظم بين فترات الدورة الشهرية.
5. ألم أثناء الجماع.
6. ألم شرجي أو إفرازات من الشرج في حال العدوى الشرجية.
7. التهاب في الحلق في حالات الجنس الفموي.

السيلان لدى الأطفال والرضع

عند إصابة الأم الحامل بالسيلان وعدم علاجها قبل الولادة، قد تنقل العدوى للجنين أثناء مروره من قناة الولادة، مما قد يؤدي إلى:
• التهاب العين الحاد (Opthalmia Neonatorum).
• العمى الدائم إذا لم يُعالج فورًا.
• التهاب في المفاصل أو الدم.
• مضاعفات خطيرة في الجهاز العصبي.

لذلك يُعد فحص النساء الحوامل للسيلان أحد الإجراءات الأساسية في متابعة الحمل الآمن.

المضاعفات المحتملة لمرض السيلان

تجاهل أو تأخر علاج السيلان يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، قد تكون دائمة، ومنها:

1. مرض التهاب الحوض (PID) لدى النساء

ويُعد من أخطر مضاعفات السيلان، إذ تنتشر البكتيريا إلى الرحم وقناتي فالوب، مما يسبب:
• ألمًا حادًا في البطن والحوض.
• العقم الدائم نتيجة تلف قناتي فالوب.
• الحمل خارج الرحم.
• ألم مزمن في الحوض.

2. التهاب البربخ لدى الرجال

وهو من المضاعفات الشائعة، ويؤثر على الخصوبة:
• يسبب ألمًا شديدًا وتورمًا في الخصية.
• قد يؤدي إلى العقم إذا تُرك دون علاج.

3. العقم لدى الجنسين

يمكن أن يؤدي السيلان غير المُعالج إلى تدمير الأعضاء التناسلية الداخلية.

4. انتشار العدوى إلى الدم (Disseminated Gonococcal Infection – DGI)

حالة نادرة ولكنها خطيرة، وتسبب:
• التهاب المفاصل.
• الطفح الجلدي.
• التهابات في القلب أو الدماغ.

5. زيادة خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)

إذ تُضعف العدوى الحماية الطبيعية وتزيد من احتمالية انتقال أو اكتساب الفيروس.

6. مضاعفات في الحلق والمستقيم

خاصة عند الممارسات الجنسية الفموية أو الشرجية.

أهم التحاليل والفحوصات لتشخيص السيلان

التشخيص الدقيق ضروري للبدء في العلاج الفعال، ويتضمن مجموعة من التحاليل المخبرية، نذكر منها:

1. الزرع البكتيري (Bacterial Culture)

يُعتبر من أكثر الطرق دقة لتشخيص السيلان، ويُستخدم في:
• تحليل مسحة من عنق الرحم، أو القضيب، أو المستقيم، أو الحلق.
• يُزرع العينة في بيئة خاصة تنمو فيها بكتيريا السيلان.

2. اختبار الحمض النووي (NAAT – Nucleic Acid Amplification Test)
• يُستخدم للكشف عن المادة الوراثية للبكتيريا.
• عالي الحساسية والدقة.
• يُمكن إجراؤه على عينات من البول أو مسحات من المهبل، الحلق، أو الشرج.

3. اختبار البول
• مفيد خاصة للرجال أو النساء اللواتي لا تظهر عليهن أعراض.
• يجب جمع العينة الأولى من التبول الصباحي.

4. اختبارات الدم
• ليست مخصصة للكشف عن السيلان مباشرة، ولكنها تُستخدم للكشف عن الأمراض المنقولة جنسيًا الأخرى المصاحبة مثل الزهري وHIV.

5. مسحة عنق الرحم أو الإحليل
• تُستخدم لأخذ عينات مباشرة من المناطق المصابة.
• تُعد الطريقة التقليدية ولكنها فعالة.

هل من الممكن الإصابة مجددًا بالسيلان بعد العلاج؟

نعم، لا يكتسب الإنسان مناعة دائمة بعد الشفاء، بل يمكن الإصابة مرة أخرى إذا تم التعرض للعدوى مجددًا. لذلك يجب:
• علاج الشريك الجنسي أيضًا.
• الامتناع عن الممارسة الجنسية حتى انتهاء العلاج.
• استخدام وسائل الوقاية مثل الواقي الذكري في العلاقات المستقبلية.

علاج السيلان

يُعالج السيلان بالمضادات الحيوية، لكن في السنوات الأخيرة ظهرت سلالات مقاومة للعلاج، ما زاد من تعقيد التعامل مع المرض.

البروتوكول العلاجي المعتمد (وفقًا لتوصيات CDC):
• حقنة واحدة من السيفترياكسون (Ceftriaxone) بجرعة 500 ملغ عضليًا.
• في بعض الحالات، قد يُضاف أزيثروميسين (Azithromycin) أو دوكسيسايكلين (Doxycycline) إذا كان هناك اشتباه بعدوى أخرى مصاحبة مثل الكلاميديا.

ملاحظات:
• يُنصح بإعادة الفحص بعد 3 أشهر من العلاج.
• ضرورة علاج جميع الشركاء الجنسيين خلال آخر 60 يومًا.
• الامتناع عن ممارسة الجنس خلال فترة العلاج.

الوقاية من مرض السيلان

• الاستخدام الصحيح والمستمر للواقي الذكري.
• تجنب تعدد العلاقات الجنسية.
• الفحص الدوري للأمراض المنقولة جنسيًا.
• الالتزام بالعلاقة الجنسية الآمنة.
• علاج كلا الطرفين عند اكتشاف الإصابة.
• التوعية الجنسية خاصة للمراهقين والشباب.

الختام

السيلان ليس مرضًا يجب الاستخفاف  أو التهاون به. قد تبدأ الأعراض بسيطة أو غير ملحوظة، لكن التأخر في العلاج قد يقود إلى عواقب صحية وخيمة خطيرة ، أهمها العقم والتهابات مزمنة في الأعضاء التناسلية. لذلك، فإن الوقاية، التوعية، والكشف المبكر ضرورية لحماية الصحة الجنسية والإنجابية. ومن المهم التأكيد على أن السيلان قابل للعلاج في حال التشخيص المبكر، ولكن الطريق إلى الشفاء يبدأ من الوعي والمسؤولية.

إذا لاحظت أعراضًا مشابهة أو كنت ضمن الفئات الأكثر عرضة، فلا تتردد في طلب المشورة الطبية وإجراء التحاليل المناسبة