أهمية تحاليل وظائف الكلى ودلالاتها الصحية

المقدمة

تلعب الكلى دورًا حيويًا في الجسم، إذ تعمل كمصفاة دقيقة تنقي الدم من الفضلات و السموم ، و تعمل على توازن مستويات السوائل والأملاح، وتفرز الهرمونات التي تؤثر في ضغط الدم وإنتاج خلايا الدم الحمراء التي تدخل في تكوين الدم . ونظرًا لأهمية هذه الأعضاء الصغيرة في الحفاظ على الصحة العامة، فإن تحاليل وظائف الكلى تعد من التحاليل الأساسية لتشخيص ومتابعة العديد من الحالات الصحية.

في هذا المقال، نتناول أهمية تحاليل وظائف الكلى، أنواعها المختلفة، وماذا تعني نتائجها من الناحية الصحية، إضافة إلى الأمراض التي قد تكشف عنها، وكيفية الاستعداد لها، ودورها في الوقاية من المضاعفات الخطيرة.

أولًا: ما هي تحاليل وظائف الكلى؟

تحاليل وظائف الكلى هي مجموعة من الاختبارات البيوكيميائية التي تُجرى باستخدام عينات من الدم أو البول بهدف تقييم مدى كفاءة و صحة الكلى في أداء وظائفها الحيوية. تُستخدم هذه التحاليل للكشف عن وجود أو تطور أمراض الكلى، أو لتقييم تأثير بعض الأدوية، أو لمتابعة حالات مرضية مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم و مرض السكري.

تشمل تحاليل وظائف الكلى الأكثر شيوعًا ما يلي:
• تحليل الكرياتينين في الدم (Serum Creatinine)
• تحليل نيتروجين اليوريا في الدم (Blood Urea Nitrogen – BUN)
• معدل الترشيح الكبيبي (Glomerular Filtration Rate – GFR)
• تحليل البول الروتيني (Urinalysis)
• تحليل الألبومين في البول (Albuminuria or ACR)
• اختبار تصفية الكرياتينين (Creatinine Clearance)

ثانيًا: تحليل الكرياتينين في الدم

ما هو الكرياتينين؟

الكرياتينين هو ناتج نفايات ناتج عن تحلل الكرياتين في العضلات، ويتم التخلص منه عبر الكلى. عندما تتراجع كفاءة الكلى، يرتفع مستوى الكرياتينين في الدم عن المستوى الطبيعي ، مما يجعله مؤشرًا هامًا على وظيفة الكلى.

المعدلات الطبيعية:
• للرجال: 0.7 – 1.3 mg/dL
• للنساء: 0.6 – 1.1 mg/dL

دلالات ارتفاع الكرياتينين:
• ضعف أو فشل في وظائف الكلى
• الجفاف الشديد
• انسداد في المسالك البولية
• أمراض العضلات
• تناول بعض الأدوية السامة للكلى

ثالثًا: تحليل اليوريا في الدم (BUN)

ما هي اليوريا؟

اليوريا مادة ناتجة عن تكسير البروتينات، وتُطرح خارج الجسم عن طريق الكلى. ارتفاعها في الدم قد يكون علامة على تراجع وظيفة الكلى، لكنه أيضًا يتأثر بعوامل أخرى مثل تناول البروتين بكثرة أو الجفاف.

المعدلات الطبيعية:
• 7 – 20 mg/dL

دلالات ارتفاع اليوريا:
• أمراض الكلى المزمنة أو الحادة
• نزيف داخلي
• الجفاف
• فشل قلبي
• تناول كميات كبيرة من البروتين

رابعًا: معدل الترشيح الكبيبي (GFR)

يُعد معدل الترشيح الكبيبي (GFR) المؤشر الأدق لتقييم كفاءة الكلى. يتم حسابه اعتمادًا على مستوى الكرياتينين، العمر، الجنس، والعرق. يُعبَّر عنه بوحدة mL/min/1.73m².

المعدل الطبيعي:
• 90 mL/min/1.73m² أو أكثر

دلالات انخفاض GFR:
• انخفاض تدريجي يعكس أمراض كلوية مزمنة
• إذا كان GFR أقل من 60 لمدة تزيد عن 3 أشهر، فهذا يشير إلى مرض كلوي مزمن
• إذا انخفض إلى أقل من 15، فهذا يعني فشل كلوي يتطلب غسيلًا كلويًا

خامسًا: تحليل البول الروتيني

تحليل البول هو فحص شامل لمكونات البول، ويكشف عن وجود البروتين، الدم، الجلوكوز، البكتيريا، أو كريات الدم البيضاء او الصديد. أي تغيرات في البول قد تكون إنذارًا بمشكلة كلوية.

أهم الدلالات:
• وجود بروتين (Proteinuria): علامة على تلف الكلى.
• وجود دم (Hematuria): يشير إلى التهابات أو حصى أو أورام.
• كريات دم بيضاء (Pyuria): عدوى أو التهابات في الكلى أو المسالك البولية.

سادسًا: اختبار الزلال في البول (ACR)

يركز هذا الفحص على قياس كمية الألبومين (نوع من البروتين) في البول. يُعتبر تسرب البروتين من الكلى إلى البول من أولى علامات التلف الكلوي.

القيم الطبيعية:
• أقل من 30 mg/g

دلالات غير طبيعية:
• 30 – 300 mg/g: بداية تلف في الكلى.
• أكثر من 300 mg/g: تلف متقدم في الكلى.

سابعًا: تحليل تصفية الكرياتينين (Creatinine Clearance)

يُجرى هذا التحليل عبر جمع البول لمدة 24 ساعة، ويقارن بين مستوى الكرياتينين في البول والدم. يُعطي صورة دقيقة عن معدل تصفية الكلى للفضلات.

أهميته:
• يستخدم لتقييم وظائف الكلى بدقة، خصوصًا في مرضى السكري أو ارتفاع ضغط الدم.
• مفيد لتحديد الجرعة الآمنة لبعض الأدوية التي تُطرح عن طريق الكلى.

ثامنًا: الأمراض التي تكشف عنها تحاليل الكلى

تحاليل وظائف الكلى لا تكتفي بتشخيص أمراض الكلى فحسب، بل تساعد أيضًا في الكشف عن العديد من الحالات الصحية، منها:
• القصور الكلوي الحاد والمزمن
• ارتفاع ضغط الدم المرتبط بالكلى
• السكري وتأثيره على الكلى (الاعتلال الكلوي السكري)
• التهابات الكلى والمسالك البولية
• حصى الكلى
• متلازمة الكلى المتسربة (Nephrotic Syndrome)
• أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمراء

تاسعًا: من يجب عليه إجراء تحاليل وظائف الكلى؟

• مرضى السكري
• مرضى ارتفاع ضغط الدم
• من لديهم تاريخ عائلي لأمراض الكلى
• الأشخاص الذين يتناولون أدوية تؤثر على الكلى (مثل مضادات الالتهاب أو المضادات الحيوية لفترات طويلة او مثبطات المناعة)
• كبار السن
• المرضى المصابون بأمراض مزمنة كالقلب والكبد
• المدخنين ومن يتعرضون لمواد سامة
• من يعانون من أعراض مثل تورم القدمين، تغير في لون البول، أو ارتفاع ضغط الدم المفاجئ

عاشرًا: أعراض تدل على وجود خلل في وظائف الكلى

• تورم يبدأ بالعينين و الوجه ثم يمتد للقدمين و الساقيين. 
• قلة أو زيادة التبول
• تغير لون أو رائحة البول
• إرهاق مزمن
• ارتفاع ضغط الدم
• ضيق في التنفس
• طعم معدني في الفم
• حكة شديدة بدون سبب جلدي
• تشنجات عضلية متكررة
• ألم في احدى الجنبيين او كلاهما .

أحد عشر: كيفية الاستعداد لتحاليل وظائف الكلى

• قد يُطلب من المريض الصيام قبل بعض التحاليل (خصوصًا البول المجمع لمدة 24 ساعة).
• يجب الامتناع عن تناول بعض الأدوية التي قد تؤثر على النتائج (حسب إرشادات الطبيب).
• شرب كميات معتدلة من الماء لتجنب الجفاف.
• إبلاغ الطبيب عن أي أمراض مزمنة أو أدوية دائمة.

اثنا عشر: أهمية المتابعة الدورية لتحاليل الكلى

الكثير من أمراض الكلى تتطور بصمت دون أعراض في مراحلها الأولى، لذا فإن المتابعة المنتظمة لتحاليل وظائف الكلى تساعد في:
• الكشف المبكر عن أي مشكلة يمكن معالجتها قبل أن تتفاقم.
• منع المضاعفات كالفشل الكلوي أو ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب.
• تعديل الأدوية التي قد تؤثر على الكلى لتجنب الضرر.
• ضبط النظام الغذائي وتحسين نمط الحياة بناءً على حالة الكلى.

ثلاثة عشر: الوقاية خير من العلاج

يمكن الحفاظ على صحة الكلى وتأخير أو منع تدهور وظائفها من خلال:
• شرب الماء بانتظام
• اتباع نظام غذائي صحي قليل الملح والبروتين الزائد
• ممارسة الرياضة بانتظام
• ضبط ضغط الدم ومستوى السكر في الدم
• تجنب الأدوية الضارة بالكلى بدون استشارة
• الامتناع عن التدخين
• القيام بالفحوصات الدورية خاصة في حالات الخطورة

الختام

تحاليل وظائف الكلى تمثل نافذة مهمة على صحة أحد أهم أجهزة الجسم. ورغم صغر حجم الكلى، فإن تراجع وظيفتها قد يؤدي إلى مضاعفات صحية شديدة تهدد الحياة. الفحص الدوري، والمتابعة الدقيقة، والانتباه إلى أي تغيرات في الجسم، كلها خطوات أساسية تساهم في الكشف المبكر، والحماية من التلف الكلوي، والمحافظة على جودة الحياة.

المعرفة والوعي بأهمية هذه التحاليل ليست رفاهية، بل ضرورة لكل من يسعى لصحة متوازنة ومستقبل خالٍ من المضاعفات