التهاب الكلى-Nephritis

مقدمة

الكليتين هذه الأعضاء الصغيرة الحجم الكبيرة الأثر، تعمل بصمت لتنقية الدم والتخلص من الفضلات والسوائل الزائدة من الجسم. لكن حينما تصاب بالتهاب، فإنها ترسل إشارات استغاثة قد تكون خفية أو واضحة أو غير ذلك. التهاب الكلى ليس حالة صحية بسيطة يمكن تجاهلها، بل قد يؤدي إلى تدهور وظائف الكلى وتهديد حياة المريض إذا لم يُشخّص ويُعالج في وقت مبكراََ .

في هذا المقال، نستعرف بدقة على كل ما يتعلق بالتهاب الكلى: الأعراض التي يجب التنبه لها، الأسباب المتنوعة، المضاعفات المحتملة، من هم الأكثر عرضة للإصابة، بالإضافة إلى أبرز الشائعات وتقديم الحقائق المبنية على الطب الحديث.

ما هو التهاب الكلى؟

التهاب الكلى (Nephritis) هو حالة مرضية تصيب إحدى الكليتين أو كليهما، وتنجم عن عدوى أو رد فعل مناعي أو أسباب أخرى مثل الأدوية تؤدي إلى تهيج أو تلف أنسجة الكلى. تختلف شدة المرض من بسيطة عابرة إلى مزمنة وخطيرة، وقد تتطور إلى فشل كلوي إذا لم يتم التعامل معها مبكرًا وبشكل صحيح.

يندرج تحت التهاب الكلى أنواع عديدة، مثل:
• التهاب الحويضة والكلية (Pyelonephritis): عادة ناتج عن عدوى بكتيرية.
• التهاب كبيبات الكلى (Glomerulonephritis): غالباََ له أسباب مناعية.
• التهاب الكلى الخلالي (Interstitial nephritis): يمكن أن يكون بسبب الأدوية أو العدوى أو أمراض المناعة الذاتية.

علامات لا يجب إهمالها

1. ألم في الخاصرة أو الظهر

يُعد من الأعراض المميزة لالتهاب الكلى، وغالباََ ما يكون في أحد الجانبين ويشعر به المريض كوجع عميق من داخل الجسم أو نابض.

2. الحمى والقشعريرة

خصوصاََ في حالات العدوى البكتيرية، ترتفع درجة حرارة الجسم كرد فعل على وجود ميكروبات في المسالك البولية أو التهاب بول حاد و وصل إلى الكلى.

3. التبول المتكرر أو الألم أثناء التبول

قد يشعر المريض بحرقة عند التبول، أو يكون البول قليلاََ ومصحوباََ بإلحاح متكرر.

4. تغير في لون البول

يصبح البول داكناََ، أو غامقاََ، وقد يحتوي على دم أو صديد، مع رائحة كريهة.

5. تورم الجسم

بسبب ضعف الكلى في تصفية السوائل و طرح الفضلات من الجسم، قد يظهر انتفاخ في القدمين، الكاحلين، أو حول العينين.

6. التعب العام

يشعر المريض بالوهن العام، ضعف الشهية، وربما الغثيان والتقيؤ ، بسبب تراكم السموم في الدم.

7. ارتفاع ضغط الدم

بعض أنواع التهاب الكلى تؤثر مباشرة على التحكم في ضغط الدم، ما يؤدي إلى ارتفاعه.

الأسباب 

1. العدوى البكتيرية

السبب الأكثر شيوعاََ لالتهاب الحويضة والكلية، خاصة عند انتقال البكتيريا من المسالك البولية السفلية (مثل المثانة) إلى الكلى.

2. الاضطرابات المناعية

مثل الذئبة الحمراء أو التهاب الأوعية الدموية، والتي قد تسبب التهاب كبيبات الكلى.

3. الأدوية

بعض الأدوية المضادة للالتهاب أو المضادات الحيوية قد تسبب التهاب الكلى يحدث الخلال كرد فعل تحسسي للدواء.

4. الانسدادات البولية

مثل وجود حصى بالكلى، أو تضيق في الحالب، أو تضخم البروستاتا، والتي تعيق تدفق البول وتزيد من احتمالية الالتهاب.

5. العدوى الفيروسية

كالفيروس المضخم للخلايا (CMV) أو فيروس الهربس، قد يسبب التهاباََ في الكلى لدى بعض الأشخاص.

6. السكري وارتفاع ضغط الدم

من العوامل التي تُضعف الكلى تدريجياََ وتزيد من قابليتها للالتهاب والمضاعفات.

الفئات الأكثر عرضة للإصابة

• النساء: بسبب قصر مجرى البول لديهن وسهولة انتقال العدوى من المثانة إلى الكلى.
• الحوامل: نتيجة التغيرات الهرمونية وضغط الرحم على الحالبين.
• مرضى السكري: لديهم ضعف في المناعة وخلل في الأوعية الدقيقة المغذية للكلى.
• الأطفال: خاصة من لديهم عيوب خلقية في المسالك البولية.
• كبار السن: بسبب ضعف الجهاز المناعي وزيادة فرص الإصابة بالأمراض المزمنة.
• المرضى الذين يستخدمون القسطرة البولية أو خضعوا لعمليات جراحية في المسالك البولية.
• الأشخاص الذين يعانون من حصى الكلى أو تضخم البروستاتا.

 ما المضاعفات التي قد تحدث إن أُهمل الالتهاب؟

1. خراج كلوي

هو تجمع صديدي داخل الكلية نتيجة الالتهاب الشديد، ويحتاج غالباََ إلى تدخل جراحي أو تصريف عن طريق الإبرة.

2. تندب الكلى

الالتهاب المتكرر أو المزمن قد يترك أنسجة ندبية دائمة تعيق الكلى عن أداء وظيفتها.

3. الفشل الكلوي المزمن

خطر حقيقي عند إهمال التهاب الكلى المزمن، وقد يؤدي في النهاية إلى الحاجة لغسيل الكلى أو الزراعة.

4. عدوى الدم (الإنتان)

قد تنتقل البكتيريا من الكلى إلى مجرى الدم، مسببة حالة طبية حرجة تستدعي علاجاََ عاجلاََ وهي حالة طارئة إذا لم تعالج قد تؤدي إلى الموت.

5. ارتفاع ضغط الدم الدائم

نتيجة الضرر الذي يصيب الكلى والمسؤول عن تنظيم ضغط الدم.

6. الوفاة في الحالات الشديدة

خاصة إذا ترافقت العدوى مع مقاومة للمضادات الحيوية أو تأخر في التشخيص والعلاج.

شائعات حول التهاب الكلى

شائعة 1: “التهاب الكلى مجرد نزلة برد في الظهر”

الحقيقة: هو مرض خطير قد يؤدي إلى تدهور دائم في وظائف الكلى وليس مجرد انزعاج بسيط.

شائعة 2: “شرب الماء بكثرة يمنع التهاب الكلى دائماََ”

الحقيقة: الماء يساعد في الوقاية من بعض حالات الالتهاب، لكنه لا يمنع جميع أنواعه، خصوصاََ تلك الناتجة عن أمراض مناعية أو أدوية.

شائعة 3: “كل ألم في الظهر يعني وجود التهاب في الكلى”

الحقيقة: ليس كل ألم في الخاصرة سببه الكلى، فقد يكون من العضلات أو العمود الفقري.

شائعة 4: “يمكن علاج التهاب الكلى بالأعشاب فقط”

الحقيقة: بعض الأعشاب قد تساعد في دعم صحة الكلى، لكن العلاج الأساسي غالبًا يتطلب مضادات حيوية أو أدوية مناعية، حسب نوع الالتهاب.

شائعة 5: “إذا لم تظهر أعراض واضحة، فلا داعي للعلاج”

الحقيقة: بعض حالات التهاب الكلى تكون صامتة، وتكتشف بتحليل البول أو وظائف الكلى، وتأخير العلاج قد يكون كارثياََ.

الحقائق العلمية المهمة

التهاب الكلى قد يكون حاداََ أو مزمناََ

النوع الحاد يظهر فجأة ويستجيب للعلاج بسرعة، بينما المزمن يتطور ببطء وقد لا تظهر أعراضه إلا بعد تلف كبير.

تحليل البول هو أداة تشخيصية أولية مهمة.

يكشف عن وجود دم، صديد، أو بروتينات، مما يوجه الطبيب للخطوة التالية في التشخيص.

الخزعة الكلوية قد تكون ضرورية 

في بعض الحالات غير الواضحة و نادرة، تؤخذ عينة صغيرة من أنسجة الكلى لتحديد نوع الالتهاب بدقة.

علاج التهاب الكلى يعتمد على السبب

فإن كان بكتيرياََ، يُعالج بالمضادات الحيوية؛ وإن كان مناعياََ، يُستخدم الكورتيزون أو مثبطات المناعة.

الاكتشاف المبكر يحمي الكلى من التدهور

كلما بدأ العلاج باكراََ، كانت فرص الشفاء أعلى والمضاعفات قليلة جداََ.

متى يجب زيارة الطبيب فوراََ ؟

• إذا كان هناك حمى وألم في الخاصرة.
• إذا تغير لون البول أو لاحظ المريض وجود دم أو صديد فيه أو رغوة.
• عند وجود تورم غير مفسر في الجسم.
• إذا كان الشخص يعاني من عدوى بولية متكررة ولم تُعالج بشكل نهائي.
• عند وجود تاريخ مرضي للفشل الكلوي أو أمراض المناعة الذاتية مع ظهور أعراض مقلقة.

الختام

التهاب الكلى ليس مرضاََ يمكن الاستهانة به أو تأجيل علاجه، فالكلى لا ترسل إنذارات كثيرة، لكنها حين تتأذى، فإن العواقب تكون عميقة وطويلة الأمد. من هنا تأتي أهمية التوعية، والمراقبة الدورية، وطلب الرعاية الطبية عند أول إشارة غير طبيعية. العناية بصحة الكلى تبدأ من الوقاية: شرب كمية كافية من الماء، علاج أي عدوى بولية مبكراََ، تجنب الإفراط في استخدام الأدوية، وضبط الأمراض المزمنة كارتفاع الضغط والسكري. لنتذكر دائماََ أن الكلى قد تصمت طويلاََ، لكنها حين تصرخ، فإن الأمر يكون جدياََ و قد يكون لا علاج لها سوى الغسيل الكلوي. فلنكن أذكياء في قراءة إشارات أجسامنا، ولنعطي هذا العضو الحيوي ما يستحقه من اهتمام ورعاية