المغنيسيوم: العنصر الصامت الذي لا غنى عنه لصحة جسمك

مقدمة

في عالم العناصر المعدنية التي تلعب أدواراََ حيوية في صحة الجسم، يبرز المغنيسيوم كأحد أهمها و لكن أكثرها إهمالًا. على الرغم من أنه ليس من المعادن التي تحظى بالاهتمام الإعلامي مثل الحديد أو الكالسيوم، إلا أن نقصه قد يسبب أعراضاََ متعددة يصعب ربطها مباشرة به، مما يجعله “العنصر الصامت” في جسم الإنسان. من الوظائف العصبية والعضلية إلى تنظيم ضربات القلب وبناء العظام، للمغنيسيوم دور لا يمكن تجاهله.

في هذا المقال العلمي، سنُبحر و نغوص في أعماق هذا المعدن، ونتعرف على كل ما تحتاج لمعرفته حوله: من تعريفه، أعراض نقصه، مصادره، أسبابه، إلى مضاعفاته ووظائفه، ونفند أشهر الشائعات التي تدور حوله، مع عرض الحقائق بطريقة طبية دقيقة.

ما هو المغنيسيوم؟

المغنيسيوم (Magnesium) هو معدن ضروري للحياة، يُعد من العناصر الكبرى في الجسم، أي تلك التي يحتاجها الجسم بكميات كبيرة نسبياََ. يوجد حوالي 60% من المغنيسيوم في العظام، والباقي موزع في العضلات، الأنسجة الرخوة، والسوائل، بما في ذلك الدم.
يشارك المغنيسيوم في أكثر من 300 تفاعل إنزيمي في الجسم، وهو ضروري لإنتاج الطاقة، تصنيع البروتينات، تنظيم مستويات السكر في الدم، وضبط معدل  ضغط الدم.

ما هي وظائف المغنيسيوم في الجسم؟

1. إنتاج الطاقة: يدخل المغنيسيوم في تحويل الطعام إلى طاقة، عبر دوره في إنتاج ATP (أدينوسين ثلاثي الفوسفات).
2. الوظائف العصبية: يساعد في نقل الإشارات العصبية بين الدماغ وأجزاء الجسم الأخرى.
3. دعم الجهاز العضلي: يساهم في انقباض و انبساط العضلات.
4. صحة القلب: ينظم نبضات القلب ويحافظ على سلامة الأوعية الدموية.
5. تقوية العظام: يعزز امتصاص الكالسيوم وفيتامين د، ويقلل من خطر الإصابة بهشاشة العظام.
6. تنظيم مستوى السكر: يلعب دوراََ في تحسين حساسية الأنسولين وتقليل خطر السكري.
7. دعم الجهاز المناعي: يساهم في تقوية المناعة ومقاومة الالتهابات.
8. المساعدة في تخليق البروتينات والحمض النووي.
9. تقليل التوتر والقلق: له تأثير مهدئ طبيعي و يساعد على استرخاء العضلات.

ماهي أعراض نقص المغنيسيوم؟

غالباََ ما يُطلق على نقص المغنيسيوم اسم “النقص الخفي” لأنه لا يظهر بوضوح في بداياته، لكن مع الوقت، تظهر علامات تدل على النقص، منها:
• تشنجات عضلية أو ارتعاش في الأطراف.
• إرهاق دائم وصعوبة في التركيز.
• اضطرابات النوم أو أرق الدائم.
• صداع نصفي متكرر.
• تسارع ضربات القلب أو عدم انتظامها.
• ارتفاع ضغط الدم.
• اكتئاب، قلق أو تقلبات مزاجية.
• ضعف في الشهية أو غثيان.
• تنميل أو وخز في الأطراف.
• هشاشة في العظام على المدى الطويل.
• الإمساك المزمن.

ماهي أسباب نقص المغنيسيوم؟

1. نقص في النظام الغذائي: تناول أطعمة فقيرة بالمغنيسيوم أو اتباع أنظمة قاسية.
2. أمراض الجهاز الهضمي: مثل القولون التقرحي، داء كرون، أو الإسهال المزمن، تقلل من امتصاص المغنيسيوم.
3. الإفراط في الكافيين أو الكحول: يعزز فقدان المغنيسيوم عن طريق البول.
4. بعض الأدوية: مثل مدرات البول، والمضادات الحيوية، وأدوية الحموضة تقلل من مستويات المغنيسيوم.
5. الإجهاد المزمن: يزيد من استهلاك الجسم للمغنيسيوم.
6. أمراض الكلى: تؤدي إلى فقدان المغنيسيوم في البول.
7. السكري غير المتحكم به: يزيد من إخراج المغنيسيوم عبر البول.
8. التعرق المفرط: نتيجة لممارسة التمارين أو العيش في بيئات حارة.
9. فترة الحمل أو الرضاعة: يزداد احتياج الجسم للمغنيسيوم.

ما هي مصادر المغنيسيوم الطبيعية؟

لحسن الحظ، يتوفر المغنيسيوم في كثير من الأطعمة الطبيعية:
• الخضروات الورقية الداكنة: كالسبانخ والكرنب.
• المكسرات: مثل اللوز والكاجو والجوز.
• البذور: مثل بذور اليقطين وبذور الكتان.
• الحبوب الكاملة: كالشوفان، الأرز البني، والكينوا.
                                                                                              • البقوليات: العدس، الحمص، الفاصوليا السوداء.

                                                                                              • الأسماك: خصوصاََ السلمون والماكريل.
                                                                                              • الأفوكادو.
                                                                                              • الموز.
                                                                                              • الشكولاتة الداكنة (نسبة كاكاو عالية).
                                                                                              • الماء المعدني الغني بالمغنيسيوم.

مضاعفات نقص المغنيسيوم

عدم علاج نقص المغنيسيوم قد يؤدي إلى مجموعة من المضاعفات الصحية، منها:
• تفاقم اضطرابات القلب: مثل الرجفان الأذيني أو السكتة القلبية.
• زيادة خطر السكري من النوع الثاني.
• تدهور الحالة النفسية: كالاكتئاب الشديد واضطرابات القلق.
• هشاشة العظام.
• ارتفاع ضغط الدم.
• ضعف المناعة وزيادة التعرض للعدوى.
• تشنجات عضلية حادة أو حتى نوبات تشنج في الحالات الشديدة.
• خلل في توازن المعادن الأخرى مثل البوتاسيوم والكالسيوم.

هل يمكن أن يحدث فرط في المغنيسيوم؟

نعم، لكن من النادر أن يحدث ذلك عن طريق الغذاء، ويكون غالباََ نتيجة:
• تناول مكملات المغنيسيوم بجرعات زائدة.
• الفشل الكلوي، حيث لا تستطيع الكلى التخلص من الزائد منه.
• الإفراط في استخدام الملينات أو مضادات الحموضة التي تحتوي على المغنيسيوم.

تشمل أعراض فرط المغنيسيوم:
• ضعف عضلي.
• انخفاض ضغط الدم.
• بطء في ضربات القلب.
• غثيان و تقيؤ.
• صعوبة في التنفس في الحالات المتقدمة.

حقائق علمية عن المغنيسيوم

• المغنيسيوم ضروري لتفعيل  و الاستفادة من فيتامين د في الجسم.
• نقصه قد يسبب مقاومة للأنسولين.
• تناول الكالسيوم بدون مغنيسيوم يزيد من خطر ترسب الكالسيوم في جدران الشرايين.
• يتناقص امتصاص المغنيسيوم مع التقدم في السن.
• الامتصاص الأفضل يحدث عند تناوله على شكل “سيترات المغنيسيوم” وليس “أوكسيد المغنيسيوم”.

شائعات عن المغنيسيوم

1. المغنيسيوم علاج سحري للأرق

الشائعة: تناول المغنيسيوم يعالج الأرق تماماََ.
الحقيقة: المغنيسيوم يساعد في الاسترخاء وتحسين جودة النوم، لكنه ليس علاجاََ كافياََ وحده إذا كان الأرق له أسباب  أخرى نفسية أو عضوية.

2. لا أحد يعاني من نقص المغنيسيوم

الشائعة: النظام الغذائي كافٍ لتغطية الحاجة من المغنيسيوم.
الحقيقة: كثير من الأشخاص يعانون من نقصه دون علم، خصوصاََ من يتناولون أطعمة مصنعة أو يتعرضون للإجهاد المستمر.

3. المغنيسيوم يسبب الإسهال دائماََ

الشائعة: لا يمكن تناوله كمكمل لأنه يسبب إسهال.
الحقيقة: بعض الأشكال مثل “أوكسيد المغنيسيوم” قد تسبب إسهال، لكن أشكال أخرى مثل “سيترات المغنيسيوم” أو “جليسينات المغنيسيوم” تُهضم بشكل أفضل.

4. المغنيسيوم مفيد فقط للعضلات

الشائعة: أهميته تقتصر على العضلات.
الحقيقة: المغنيسيوم أساسي لصحة القلب، الجهاز العصبي، العظام، وحتى المزاج.

من هم الأكثر عرضة لنقص المغنيسيوم؟

• كبار السن.
• مرضى السكري.
• المصابون بأمراض الجهاز الهضمي.
• الأشخاص الذين يتناولون الكحول بكثرة.
• من يتناولون أدوية مدرة للبول أو مضادات الحموضة لفترات طويلة.
• الرياضيون الذين يتعرقون بشكل مفرط.

متى يجب إجراء تحليل المغنيسيوم؟

قد يطلب الطبيب تحليل المغنيسيوم في الحالات التالية:
• تشنجات عضلية متكررة.
• اضطرابات في القلب أو ضغط الدم.
• إرهاق غير مبرر.
• مشاكل في النوم مثل الأرق أو تقلب المزاج.
• تناول أدوية تؤثر على مستواه.
• أمراض الكلى أو الجهاز الهضمي.

الختام

المغنيسيوم ليس مجرد معدن آخر في قائمة العناصر الضرورية، بل هو أساس لصحة شاملة ومتوازنة. تجاهله أو عدم الانتباه إلى مستوياته يمكن أن يؤدي إلى مشاكل خفية ومتراكمة، بينما الحفاظ على مستواه الطبيعي يُعزز من وظائف الجسم ويقلل من خطر العديد من الأمراض.
إذا كنت تعاني من أعراض غامضة وغير مفسرة، مثل التعب المزمن أو تشنجات العضلات، أو الإمساك ، فقد يكون المغنيسيوم هو السبب الغائب عن التشخيص.
الصحة لا تعتمد فقط على ما تأكله، بل على ما يهضمه ويمتصه جسمك، والمغنيسيوم جزء أساسي من هذه المعادلة.