المقدمة
يُعتبر الزنك (Zinc) عنصراََ غذائياََ أساسياََ ضرورياََ للحفاظ على صحة الإنسان، إذ يلعب دوراََ محورياََ في التمثيل الغذائي للخلايا، تكوين الإنزيمات، تعزيز الجهاز المناعي، ودعم النمو والتكاثر. على الرغم من كونه أحد المعادن الصغرى، فإن نقص الزنك في الجسم يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات صحية متعددة تشمل ضعف المناعة، تأخر النمو، ومشكلات في الخصوبة.
تستعرض هذه المراجعة الطبية العلمية دور الزنك في وظائف الجسم الحيوية، مصادره الغذائية، الاحتياجات اليومية، تأثير نقصه أو زيادته، وأحدث الدراسات حول فوائده الطبية والعلاجية.
أولاََ: الخصائص الكيميائية والفيزيولوجية للزنك
الرمز الكيميائي: Zn
العدد الذري: 30
الشحنة الأكثر شيوعًا في الأيونات: +2
الخواص الفيزيائية: معدن صلب، فضي اللون، ذو نقطة انصهار 419.5 °م، قابل للتوصيل الكهربائي والحراري بمقدار متوسط.
أهمية هذه الخصائص في الطب:
استقرار أيون الزنك (+2) في المحاليل المائية يسمح له بالارتباط بالبروتينات والإنزيمات، ما يجعله ضرورياََ للتفاعلات البيوكيميائية داخل الخلية .
قابلية تكوين مركبات مستقرة مع الكبريت (Zn-S) أو النيتروجين (Zn-N) تسمح بتكوين مواقع نشطة في الإنزيمات والزنك بروتينات*.
ثانياََ: الزنك ووظائفه الحيوية في الجسم
1. دور الزنك في التمثيل الغذائي
الزنك عنصر أساسي لأكثر من 300 إنزيم مسؤول عن:
الاستقلاب البروتيني: يعمل كعامل مساعد في إنزيمات تحلل البروتينات وتخليق الأحماض الأمينية.
الأيض الكربوهيدراتي والدهني: يشارك في تنظيم مستويات الأنسولين والتمثيل الغذائي للدهون.
تخليق الحمض النووي (DNA) والحمض النووي الريبي (RNA): ضروري لتكاثر الخلايا وتجديد الأنسجة.
2. الزنك والمناعة
تعزيز استجابة الجهاز المناعي: يعمل الزنك على تنشيط خلايا T وB، ويعزز إنتاج الأجسام المضادة.
مكافحة الالتهابات: نقص الزنك يزيد من قابلية الجسم للإصابة بالعدوى، بما في ذلك التهابات الجهاز التنفسي والإسهال.
تأثير مضاد للفيروسات: أظهرت الدراسات أن مكملات الزنك تقلل شدة و مدة نزلات البرد.
3. الزنك والنمو والتكاثر
النمو عند الأطفال: نقص الزنك يؤدي إلى توقف النمو وقصر القامة.
الخصوبة: الزنك ضروري لتكوين الحيوانات المنوية لدى الرجال وتنظيم التوازن الهرموني لدى النساء.
شفاء الجروح وتجديد الخلايا: يسرع الزنك عملية التئام الجروح ويقلل من الالتهابات الجلدية.
4. الزنك ووظائف الحواس
يلعب دوراََ في حاسة التذوق والشم ؛ نقصه يؤدي إلى فقدان القدرة على التذوق (hypogeusia) وضعف الشم.
ثالثاََ: مصادر الزنك والاحتياجات اليومية
1. المصادر الغذائية
الحيوانية: اللحوم الحمراء، الدواجن، الأسماك، المحار، الكبد.
النباتية: المكسرات، البقوليات، الحبوب الكاملة، بعض الخضروات الورقية.
المكملات الغذائية: أقراص أو شرابات تحتوي على كبريتات أو أكسيد الزنك لعلاج نقص الزنك الحاد.
2. الاحتياجات اليومية
الرجال البالغون: 11 ملغ/يوم
النساء البالغات: 8 ملغ/يوم
الحوامل والمرضعات: 11–12 ملغ/يوم
يجب مراعاة أن زيادة تناول الزنك بشكل مفرط قد يؤدي إلى تسمم الزنك وتداخلاته مع المعادن الأخرى مثل النحاس والحديد.
رابعاََ: نقص الزنك وأعراضه السريرية
1. العلامات والأعراض
* ضعف جهاز المناعة وكثرة العدوى.
* تأخر النمو عند الأطفال وقصر القامة.
* تساقط الشعر واضطرابات الجلد.
* ضعف التئام الجروح.
* فقدان الشهية وضعف حاسة التذوق.
* مشكلات الخصوبة.
2. الحالات المعرضة للنقص
* الأطفال في الدول النامية بسبب سوء التغذية.
* الحوامل والمرضعات.
* الأشخاص المصابون بأمراض سوء الامتصاص مثل الكرون أو القولون التقرحي.
* كبار السن.
خامساََ: الزنك والوقاية من الأمراض
1. الأمراض المعدية
* مكملات الزنك تقلل من مدة نزلات البرد، خاصة عند الأطفال وكبار السن.
* تلعب مكملات الزنك دوراََ في الحد من الإسهال الحاد عند الأطفال في الدول منخفضة الموارد.
2. الأمراض المزمنة
* أظهرت الدراسات أن الزنك قد يساعد في:
* خفض خطر الإصابة بأمراض القلب عبر دوره في تقليل الالتهابات.
* تحسين التحكم في مرض السكري من النوع الثاني عبر تأثيره على الأنسولين.
3. الأمراض الجلدية
* الزنك فعال في علاج حب الشباب، الأكزيما، والتقرحات الجلدية.
* يدخل في تركيب مراهم الجلدية وواقيات الشمس بسبب خصائصه المضادة للالتهاب والمطهرة.
سادساََ: مكملات الزنك واستخداماتها الطبية
1. أشكال المكملات
* كبريتات الزنك (ZnSO₄)
* أكسيد الزنك (ZnO)
* جلوكونات الزنك (ZnGluconate)
2. الاستخدامات العلاجية
* علاج نقص الزنك الغذائي.
* دعم المناعة عند كبار السن والأطفال.
* تقليل مدة نزلات البرد.
* تعزيز التئام الجروح بعد العمليات الجراحية أو الإصابات الجلدية.
3. الجرعات الموصى بها
* تختلف حسب الحالة: عادة 20–40 ملغ/يوم للأطفال والبالغين في حالات النقص.
* يجب عدم تجاوز 150 ملغ/يوم لتجنب تسمم الزنك.
سابعاََ: الزنك في الأبحاث الطبية الحديثة
* دراسة استخدام الزنك في الوقاية من أمراض فيروسية مثل COVID-19 ، حيث أظهرت مكملات الزنك تأثيراََ محدوداََ في تقصير مدة الأعراض.
* أبحاث على الزنك والسرطان تشير إلى دوره في تنظيم موت الخلايا المبرمج (Apoptosis) وتقليل نمو الخلايا السرطانية في بعض الدراسات الأولية.
* استخدام الزنك النانوي في المراهم لعلاج العدوى الجلدية والالتهابات الموضعية.
ثامناََ: مخاطر الإفراط في تناول الزنك
* الغثيان والتقيؤ والإسهال.
* اضطرابات المعدة والكبد.
* نقص النحاس في الجسم نتيجة التداخل في الامتصاص.
* خطر تسمم الزنك عند تناول أكثر من 200 ملغ يومياََ لفترات طويلة.
الخاتمة
الزنك معدن أساسي للحياة، يمتد دوره من وظائف التمثيل الغذائي، دعم الجهاز المناعي، النمو والتكاثر، وحتى الوقاية من الأمراض المزمنة والمعدية.
يعد نقصه من المشاكل الصحية المهمة عالمياََ، بينما يساهم الاستخدام السليم لمكملاته في تعزيز الصحة العامة.
مع استمرار الأبحاث، يبدو أن الزنك سيبقى عنصراََ محورياََ في الطب الوقائي والعلاجي، وفي تطوير الاستراتيجيات الحديثة لعلاج الأمراض المزمنة والالتهابات.