ماذا يحدث عندما يرتفع هرمون الحليب؟

مقدمة

يُعد هرمون الحليب أو ما يُعرف بـ”البرولاكتين” (Prolactin) أحد الهرمونات المهمة التي يُفرزها الفص الأمامي للغدة النخامية في الدماغ. يلعب هذا الهرمون دورًا رئيسيًا في تحفيز إنتاج الحليب لدى النساء بعد الولادة، إلا أن مستوياته الطبيعية تختلف بين الرجال والنساء، وقد يكون لارتفاعه آثار صحية سلبية على كلا الجنسين.

يُعد ارتفاع هرمون الحليب حالة شائعة نسبيًا، إلا أن الكثير من الأشخاص لا يدركون وجوده إلا بعد ظهور أعراض مزعجة أو عند تأخر الحمل أو ضعف الرغبة الجنسية. في هذا المقال، سنتناول كل ما يتعلق بارتفاع هرمون الحليب عند النساء والرجال، بدءًا من أسبابه مرورًا بأعراضه، وانتهاءً بطرق التشخيص والعلاج.

أولاً: ما هو هرمون الحليب (البرولاكتين)؟

البرولاكتين هو هرمون بروتيني تفرزه الغدة النخامية، ويوجد أيضًا بنسب ضئيلة في أماكن أخرى مثل الرحم والبروستاتا. وظيفته الأساسية تتمثل في تحفيز إنتاج الحليب في الثدي بعد الولادة. إلا أن لهذا الهرمون وظائف أخرى تشمل تنظيم الجهاز المناعي والمساهمة في توازن بعض الهرمونات الجنسية مثل الإستروجين والتستوستيرون.

ثانياً: القيم الطبيعية لهرمون الحليب

• النساء غير الحوامل: أقل من 25 نانوغرام/مل.
• النساء الحوامل: يمكن أن تصل القيم إلى 200 نانوغرام/مل أو أكثر.
• الرجال: أقل من 20 نانوغرام/مل.

عندما تتجاوز مستويات البرولاكتين هذه الحدود يُقال أن الشخص مصاب بفرط البرولاكتين أو ارتفاع هرمون الحليب.

ثالثاً: أسباب ارتفاع هرمون الحليب

1. أورام الغدة النخامية (البرولاكتينوما)

وهو أكثر الأسباب شيوعًا، ويتمثل في وجود ورم حميد في الغدة النخامية يفرز كميات زائدة من البرولاكتين.

2. الأدوية

بعض الأدوية قد تؤدي إلى رفع مستويات البرولاكتين، وتشمل:
• مضادات الاكتئاب (مثل فلوكستين وسيرترالين)
• أدوية الذهان (مثل ريسبيريدون وأولانزابين)
• أدوية ارتفاع ضغط الدم (مثل فيراباميل)
• أدوية مضادة للغثيان (مثل ميتوكلوبراميد)

3. اضطرابات الغدة الدرقية

قصور الغدة الدرقية الأولي قد يؤدي إلى ارتفاع البرولاكتين بسبب ارتفاع هرمون TRH الذي يحفز إفراز البرولاكتين.

4. الإجهاد النفسي والجسدي

التوتر الشديد أو ممارسة الرياضة العنيفة قد يؤديان إلى ارتفاع مؤقت في البرولاكتين.

5. تحفيز الحلمة المتكرر

مثل الرضاعة أو ارتداء ملابس ضيقة تسبب احتكاكًا بالحلمات.

6. أسباب أخرى
• أمراض الكلى المزمنة
• أمراض الكبد
• متلازمة تكيس المبايض (عند النساء)
• بعض أنواع السرطان

رابعاً: أعراض ارتفاع هرمون الحليب

عند النساء
• اضطرابات الدورة الشهرية: تأخر أو انقطاع الطمث.
• العقم: صعوبة في الحمل نتيجة اضطراب التبويض.
• إفراز حليب من الثدي (حتى بدون ولادة).
• جفاف المهبل وانخفاض الرغبة الجنسية.
• صداع مزمن أو مشاكل في النظر (خاصة عند وجود ورم نخامي).

عند الرجال
• ضعف الانتصاب.
• انخفاض الرغبة الجنسية.
• تضخم الثدي أو إفراز الحليب (نادر).
• العقم نتيجة ضعف إنتاج الحيوانات المنوية.
• صداع ومشاكل بصرية إذا كان السبب ورمًا في الغدة النخامية.

خامساً: تشخيص ارتفاع هرمون الحليب

1. الفحص السريري

يبدأ الطبيب بجمع التاريخ الطبي الكامل وتقييم الأعراض الجسدية والسلوكية.

2. تحليل الدم

يتم قياس نسبة البرولاكتين في الدم. يُفضل إجراء التحليل في الصباح الباكر وبعد الصيام.

3. اختبارات إضافية
• تحليل وظائف الغدة الدرقية (TSH و T4).
• اختبار الحمل عند النساء.
• فحص وظائف الكلى والكبد.

4. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)

يُستخدم للكشف عن وجود ورم في الغدة النخامية أو أي تغيرات هيكلية فيها.

سادساً: علاج ارتفاع هرمون الحليب

يعتمد العلاج على السبب الأساسي للحالة، وتشمل الخيارات:

1. العلاج الدوائي
• كابيرجولين (Cabergoline): من أكثر العلاجات فعالية، يُؤخذ مرة أو مرتين أسبوعيًا.
• بروموكريبتين (Bromocriptine): خيار آخر، يُستخدم أكثر عند الرغبة في الحمل.

تعمل هذه الأدوية على خفض مستوى البرولاكتين وتقليص حجم الورم إذا كان موجودًا.

2. علاج السبب الكامن
• في حال كان السبب قصور الغدة الدرقية، يتم العلاج بهرمون الثيروكسين.
• تغيير أو توقيف الأدوية التي ترفع البرولاكتين (إذا أمكن).

3. الجراحة

تُستخدم في حالات الأورام الكبيرة التي لا تستجيب للعلاج الدوائي أو تسبب ضغطًا على الأعصاب البصرية.

4. العلاج الإشعاعي

يُستخدم نادرًا عند فشل الأدوية والجراحة، خاصة في الأورام المتقدمة.

سابعاً: مضاعفات ارتفاع هرمون الحليب

• العقم لدى الرجال والنساء.
• اضطرابات نفسية نتيجة تغيرات الهرمونات.
• تضخم الغدة النخامية وتأثيرها على الأعصاب البصرية.
• هشاشة العظام نتيجة انخفاض الإستروجين أو التستوستيرون.

ارتفاع هرمون الحليب (البرولاكتين) يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من المضاعفات، تختلف حسب الجنس ومدة استمرار الحالة دون علاج. إليك أبرز المضاعفات المحتملة:
 
أولًا: عند النساء
1.اضطرابات الدورة الشهرية:
قد تتأخر الدورة الشهرية أو تنقطع تمامًا، مما يؤدي إلى مشاكل في التبويض والعقم.
2.العقم:
نتيجة لانخفاض مستويات الهرمونات الأنثوية مثل الإستروجين بسبب ارتفاع البرولاكتين.
3.إفراز الحليب من الثدي (بدون رضاعة):
يُعرف بالجالاكتوريا، وقد يحدث حتى في غير الحوامل أو المرضعات.
4.جفاف المهبل:
مما يؤدي إلى ألم أثناء العلاقة الزوجية وانخفاض الرغبة الجنسية.
5.هشاشة العظام:
نتيجة لانخفاض الإستروجين لفترة طويلة، مما يؤدي إلى فقدان كثافة العظام.
 
ثانيًا: عند الرجال
1.ضعف الانتصاب:
بسبب انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون.
2.انخفاض الرغبة الجنسية:
مما يؤثر على العلاقة الزوجية.
3.العقم:
نتيجة لانخفاض إنتاج الحيوانات المنوية.
4.تضخم الثدي (التثدي):
وهو تضخم غير طبيعي في نسيج الثدي لدى الرجال.
 
ثالثًا: عند كلا الجنسين
1.الصداع ومشاكل النظر:
خاصة إذا كان السبب وراء ارتفاع البرولاكتين هو وجود ورم في الغدة النخامية (ورم برولاكتيني)، الذي قد يضغط على الأعصاب البصرية.
2.القلق والاكتئاب:
نتيجة للخلل الهرموني واضطراب جودة الحياة.
3.الإجهاد المزمن:
مع شعور دائم بالتعب وقلة التركيز.
 
متى تستدعي الحالة القلق؟
•استمرار الأعراض دون سبب واضح.
•إفراز الحليب من الثدي بدون رضاعة.
•اضطرابات الدورة الشهرية أو توقفها.
•مشاكل في الخصوبة

ثامناً: نصائح للوقاية أو التحكم في الحالة

• تجنب التوتر الزائد.
• ارتداء ملابس داخلية قطنية غير ضيقة.
• مراجعة الطبيب عند الشعور بأي أعراض غير طبيعية.
• عدم التوقف عن الأدوية الموصوفة دون استشارة الطبيب.
• المتابعة الدورية لمستوى الهرمون إذا كان هناك تاريخ مرضي.


أطعمة مفيدة تقلل من هرمون الحليب:

ارتفاع هرمون الحليب (البرولاكتين) قد يكون ناتجًا عن أسباب مختلفة، مثل التوتر، استخدام بعض الأدوية، أو مشاكل في الغدة النخامية. إلى جانب العلاج الطبي، يمكن لبعض الأطعمة أن تساهم بشكل طبيعي في تقليل مستوياته. إليك أبرز الأطعمة المفيدة في هذا السياق:
 
1. الأطعمة الغنية بفيتامين B6
 
يساعد فيتامين B6 في تقليل البرولاكتين من خلال تأثيره على إنتاج الدوبامين، وهو الهرمون المثبط للبرولاكتين.
•المصادر: الحمص، الموز، الدجاج، البطاطا، السبانخ، سمك التونة.
 
2. الأطعمة الغنية بالزنك
 
الزنك يعزز إفراز الدوبامين، مما يساهم في تقليل هرمون الحليب.
•المصادر: اللحوم الحمراء، المحار، بذور القرع، المكسرات (خاصة الكاجو واللوز)، الحبوب الكاملة.
 
3. الأطعمة المضادة للأكسدة
 
مضادات الأكسدة تحمي خلايا الدماغ، بما في ذلك الغدة النخامية المسؤولة عن إفراز البرولاكتين.
•المصادر: التوت بأنواعه، الرمان، الجزر، الشاي الأخضر، الكركم.
 
4. الأطعمة التي تعزز إنتاج الدوبامين
 
زيادة الدوبامين تساهم في تقليل البرولاكتين.
•المصادر: الشوكولاتة الداكنة، الأفوكادو، البروكلي، البيض، منتجات الألبان.
 
5. الأطعمة الغنية بالبروتين
 
البروتين يساعد على توازن الهرمونات وتحفيز إنتاج الناقلات العصبية المفيدة.
•المصادر: البيض، الأسماك، اللحوم الخالية من الدهون، البقوليات.
 
أطعمة يُفضل تقليلها أو تجنبها:
•منتجات الصويا: قد ترفع البرولاكتين بسبب احتوائها على الإستروجين النباتي.
•الكربوهيدرات البسيطة: مثل السكر الأبيض والخبز الأبيض.
•الكافيين الزائد: الإفراط فيه قد يرفع مستويات التوتر وبالتالي البرولاكتين

 

الختام

ارتفاع هرمون الحليب هو حالة قد تكون بسيطة أو تشير إلى مشاكل صحية أكثر تعقيدًا، خاصة عند إهمال العلاج. التشخيص المبكر والمتابعة المنتظمة يمكن أن يقللا من الأعراض والمضاعفات بشكل كبير، ويمنحان المريض فرصة للعودة إلى حياة طبيعية.

إذا كنت تعاني من أحد الأعراض المذكورة، فلا تتردد في مراجعة الطبيب المختص للقيام بالتشخيص اللازم ووضع خطة علاجية تناسب حالتك